اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 331
وكذلك إن أكدتَ، فقلت: "يا زيدُ نفسَه"، و"يا تميمُ كُلَّكم"، و"يا قيس كلَّكم"، فتنصب, لأن مجرَى التأكيد مجرَى النعت، فلذلك استويا في الحكم، وجاز أنّ تقول: "كلَّكم" بلفظ الخطاب, لأنّ المنادى مخاطَبٌ. وجاز أنّ تقول: "كلَّهم" بلفظ الغَيْبة لأنّ المنادى، وإن كان مخاطبًا، إلّا أنّ لفظ الاسم الظاهر موضوعٌ للغيبة. ألا تراك تقول: "زيدٌ فَعَلَ" ولا تقول: "فعلتَ"، وإن كنتَ تخاطِب زيدًا المذكورَ. وتقول: "يا بشرُ صاحبَ عمرو"، و"يا غلامُ أبا عبدِ الله" تنصب الثانيَ لا غير، سوَاء جعلتَه عطفَ بيان، أو بدلاً, لأنّ عطفَ البيان حكمُه الصفة، والصفةُ، إذا كانت بمضافٍ، لم يكن إلَّا منصوبًا، فكذلك عطف البيان. والبدل عِبْرتُه أنّ يُحلَّ مَحلَّ الأوّل، وأنتَ لو أحللتَه محلَّ الأوّل، وأوْلَيْتَه حرفَ النداء، وهو مضافٌ، لم يكن إلّا نصبًا، وكذلك إذا عطفتَ على المنادى المفرد مضافًا، لم يكن إلّا نصبًا، نحوَ: "يا زيدُ، وعبدَ الله", لأنّ المعطوف شريكُ المعطوف عليه. فكما أنّ الأوّل إذا كان مضافًا لم يكن إلا منصوبًا، فكذلك الثاني, لأنّه شريكه في العامل.
فصل [حكم "ابن" و"ابنة" إذا وقعا وصفين للمنادي المفرد العلم]
* * *
قال صاحب الكتاب: "والوصف بابن وابنة كالوصف بغيرهما إذا لم يقعا بين علمين, فإن وقعا, أُتبعت حركة الأول حركة الثاني كما فعلوا في "ابنمٍ" و"امرئٍ", تقول: "يا زيد ابن أخينا", و"يا هند ابنة عاصم"".
* * *
قال الشارح: إذ وُصف الاسم المنادى المفردُ العَلَمُ بِـ "ابن" أو"ابنةٍ" كان حكمُهما كحكم غيرهما من الأسماء المضافة إذا وُصف بها من استحقاقِ الإعراب بالنصب، نحوِ: "يا زيدُ ابنَ أخينا" بضمِّ الأوّل, لأنه منادّى مفردٌ عَلَمٌ، وبنصبِ الصفة، لأنها مضافةٌ، كما قلتَ: "يا زيدُ ذا الجُمّة". وإن وصفتَ بهما عَلَمًا مضافَيْن إلى علم أو كُنيةٍ أو لقبٍ، نحوَ: "يا زيدَ بنَ عمرو"، و"يا جعفرَ بنَ أبي خالد"، و"يا زيدَ بن بَطَّةَ"، كانت الصفة منصوبةً على كل حال، وجاز في المنادى وجهان:
أحدُهما: الإتباعُ، وهو أنّ تقول "يا زيدَ بنَ عمرو"، فتُتْبع حركةَ الدال فتحةَ النون، وحَقها الضمُّ، وهو غريبٌ, لأن حق الصفة أن تتبع الموصوفَ في الإعراب، وها هنا قد تبع الموصوفُ الصفةَ. والعلّة في ذلك أنّك جعلتَهما لكثرةِ الاستعمال كالاسم الواحد، إذ كلُّ إنسان مَعْزُوٌّ إلى أبيه عَلَمًا كان أو كنية أو لقبًا، فيوصَف بذلك، فجُعلا كالاسمَيْن اللذَيْن رُكّب أحدُهما مع الآخر. قال الشاعر [من الرجز]:
اسم الکتاب : شرح المفصل المؤلف : ابن يعيش الجزء : 1 صفحة : 331